الخلق الحسن

الخلق الحسن

اللَّهُمَّ اسْتُرْهُمْ مِنَ النَّارِ كَسِتْرِي إِيَّاهُمْ بِمُلاءَتِي هَذِه

الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ لهُ النعمةُ ولهُ الثناءُ الحسنُ، اللهمَّ صلِّ وسلِّمْ على سيدِنا محمدٍ وعلى ءالِهِ وشرِّفْ وكرِّمْ.
أما بعدُ فإذا أرادَ اللهُ تعالى إظهارَ معجزةٍ لنبيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُنطِقُ الشجرَ والحجرَ، هذهِ حالاتٌ خاصةٌ يُنطِقُ اللهُ تعالى الجمادَ فيها. يَخلقُ في الجمادِ الإدراكَ لكن من دونِ روحٍ، ليسَ الروحُ شرطًا عقليًّا ولا شرعيًّا للإحساسِ والإدراكِ والنطقِ.
ففي عملِ اليومِ والليلةِ لابنِ السنيِّ عن أبي أُسيدٍ البدريِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بعدما جاءَ الرسولُ ذاتَ يومٍ إليهِ: "لا تَرم مِنْ مَنْزِلِكَ أَنْتَ وَبَنُوكَ حَتَّى آتِيَكُمْ " معناهُ أنتَ وأبناؤكَ لا تُفارقوا المنزلَ حتى أعودَ إليكم.
وروى ابنُ عساكرَ في تاريخِ دمشقَ أنَّهُ قالَ للعباسِ بنِ عبدِ المطلبِ عمِّ الرسولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "يا أبا الفضلِ لا ترم منزلَكَ غدًا أنتَ وبنوكَ فإنَّ لي فيكم حاجةً" فانتظروهُ فَأَتَاهُمْ بَعْدَمَا أَضْحَى، فَقَالَ: "السَّلامُ عَلَيْكُمْ، كَيْفَ أَصْبَحْتُمْ" ؟ قالوا: وعليكم السلامُ ورحمةُ اللهِ وبركاتُهُ يا رسولَ اللهِ بِخَيْرٍ ، بِأَبِينَا وَأُمِّنَا أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ أَصْبَحْتَ ؟ قَالَ: "بِخَيْرٍ، أَحْمَدُ اللَّهَ". قَالَ: "ادْنُوا" أي تقاربوا، ليقترِبْ بعضُكُم من بعضٍ. فَتَدَانَوْا يَزْحَفُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ، فَاشْتَمَلَ عَلَيْهِمْ بِمُلاءَتِهِ، أي وضعَ عليهم مُلاءةً وهي ثوبٌ من قطعةٍ واحدةٍ عريضةٍ، مدَّهُ عليهم وَقَالَ: "هَذَا عَمِّي وَصِنْوُ أَبِي – شقيقُ أبي - ، وَهَؤُلاءِ أَهْلُ بَيْتِي، اللَّهُمَّ اسْتُرْهُمْ مِنَ النَّارِ كَسِتْرِي إِيَّاهُمْ بِمُلاءَتِي هَذِهِ ". فأمَّنَتْ أُسْكُفَّةُ البابِ والجدرانُ والأُسكفةُ هي العتبةُ. قَالَتْ أُسْكُفَّةُ الْبَابِ: ءامينَ ثلاثًا، ءامينَ ءامينَ ءامينَ. وَقَالَ جُدْرَانُ الْبَيْتِ: ءامِينَ . اللهُ تعالى بقدرتِهِ خلقَ صوتًا في الأُسكفةِ والجدرانِ، جدرانِ البيتِ الذي كانوا فيهِ.
العباسُ رضيَ اللهُ عنهُ كان أفضلَ أعمامِ الرسولِ بعدَ حمزةَ فيما نعتقدُ، كانَ له أولادٌ عشرةُ ذكورٍ أولهُم الفضلُ وءاخرُهم تمامٌ لما رزقَهُ اللهُ العشرةَ قالَ: تموا بتمامٍ فصاروا عشرةْ ... يا ربِّ فاجعلْهُم كرامًا بررةْ اللهُ تعالى استجابَ دعاءَهُ فكانوا كلُّهم مِن خيارِ الناسِ، يكفي أنَّ منهم عبدَ اللهِ بنَ عباسٍ ترجمانَ القرءانِ رضيَ اللهُ عنهُ.
ربَّنا ءاتِنا في الدنيا حسنةً وفي الآخِرَةِ حسنةً وقنا عذابَ النارِ. اللهم قِنا شرَّ ما نتخوفُ ربَّنا اغفِرْ لنا ولإخوانِنا الذين سبقونا بالإيمانِ ولا تجعلْ في قلوبِنا غلًّا للذينَ ءامنوا والحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ وصلى اللهُ على النبيِّ وءالِهِ.